الخميس، 7 أكتوبر 2010

مذكرات عن دور القوة الجوية العراقية في حرب اكتوبر المجيده 1973/ ح الاخيرة



The Iraqi Air Force History



Iraqi Air Force - Irq. AF

مذكرات عن دور القوة الجوية العراقية في حرب اكتوبر المجيده 1973



بقلم اللواء الطيار الركن
سالم محمد ناجي 
الحلقة الاخيرة :

11 اكتوبر
--------------
كان هناك واجب باربعه طائرات وهو مهاجمة احد موقع القياده والسيطره الاسرائيليه في عمق سيناء عصر هذا اليوم :

الرائد الطيار ناطق محمد علي
الملازم ضياء صالح
مع اثنين من الطيارين وغادرت الطائرات مطار قويسنا ونفذت الواجب على اتم وجه
وعادت وفي طريق العوده تعرضت الى وابل من النيران اصيبت على اثره طائره قائد التشكيل والرقم اثنين باصابات مباشره حاول الطيارين الوصول بطائراتهم الى اقرب ما يكون من قناة السويس قبل ان يتركو طائراتهم وفعلا ترك قائد التشكيل طائرته وبعده ترك الرقم اثنين طائرته وهبط الاثنين بالمظلات ....
لم نعلم ما الذي حصل وكان الجميع في قلق على مصير ناطق وضياء ... لم نحصل على اي اخبار عنهم حتى المساء ... واليوم التالي وردت الينا اخبار بان ضياء قد اصيبت طائرته وهبط بالمظله وكان موقع نزوله على الضفه الغربيه من القناة وعند القطعات المصريه ... وكانت محنه عظيمه له حيث عومل معامله سيئه جدا الى ان اثبت نفسه بانه طيار عراقي وانه من مطار قويسنا وذلك بعد ان سأله احد الضباط المصريين عن اسم احد الضباط العاملين في المطار ومن حسن حظه انه عرف اسم الضابط ولهذا كانت اجابة النجاة .
اما الرائد ناطق فقد هبط على الضفه الشرقيه من القناة وبات ليلته في مياه القناة حتى الفجر وعبر سباحه بالاستعانه باحد الجسور الى الضفه الاخرى ومن حسن حظه ان ضياء قد سبقه الى الضفه الاخرى ولهذا استقبل من قبل القطعات المصريه وتم نقلهم الى المستشفى المركزي ...

13 اكتوبر :
--------------
هذا اليوم وصلت الاوامر لتنفيذ واجبين بتشكيل من اربعه طائرات لكل واجب وكان الواجب مهاجمه ارتال القطعات الاسرائيليه المتقدمه من سيناء باتجاه منطقة ( الدفرزوار ) وتم القرار ان يكون التشكيل الاول بقياده النقيب عماد احمد ومعه الرقم ثلاثه الملازم الاول الطيار سامي فاضل مع اثنين من الطيارين ..

والتشكيل الثاني بقيادتي الملازم الاول الطيار سالم محمد ناجي والملازم الاول الطيار عبد القادر خضر الرقم ثلاثه ومعنا اثنين من الطيارين .

حسب التوقيتات اقلعت الطائرات الاربعه الاولى وكان سامي قد شكا من ان طائرته فيها عطل بسيط فاجابه عماد بان يكمل .
أقلعت الطائرات الاربعه الثانيه وكنت قائد التشكيل الثاني اتابع التشكيل الاول بمسافة ( 5 ) كم تقريبا عبرنا قنلة السويس بارتفاع واطيء جدا . بحيث كنت اشاهد القطعات الارضيه وكاننا نسير على الطريق العام .
من خواص طائره الهنتر انك عندما تكون في المقصوره فبامكانك الطيران بارتفاع متر واحد عن الارض لان مدى الرؤيا وقوس النظر عالي جدا مما يسمح بمثل هذا النوع من الطيران .
كنا نتجه نحو الشرق بشكل عمودي على القناة داخل سيناء ومن ثم استدار التشكيل الاول الى جهة اليسار بزاويه 90 درجه عن خط السير الاول وهاجم القطعات الاسرائيليه المتجهه صوب القناة ومن بعيد شاهدت النيران تعم المكان وكانت القطعات الاسرائيليه عباره عن رتل من الاليات والعجلات الاختصاصيه كعجلات الوقود وما الى ذلك ... توجهت بالتشكيل وبشكل مباشر الى مجموعه القطعات الاسرائيليه التاليه وقمنا بمهاجمتها بالصواريخ وبشكل مباشر ...واشتعلت النيران فيها ...
غادرنا الموقع وكانت سرعتنا عاليه وعندها علمت من النقيب عماد بان طائرته قد اصيبت بنيران العدو وزاد من ارتفاع طائرته في طريق العوده . وصلت قريبا منه ومعي الطائرات الاخرى وناديته بان طائرته مصابه وفيها تسرب للوقود من الطائره وليس هناك حريق وطلبت منه الاستمرار بالطيران ..
كانت المقاومات الارضيه الاسرائيليه تطارد طائراتنا .. عندها علمت من عماد بان طائرته قد اصيبت اصابه اخرى وانه سيغادر الطائره بالمظله لانه فقد السيطره على الطائرة .
جمعت الطائرات من تشكيله الاول الى تشكيلنا وعدت بهم الى المطار ولم اعلم مصير الرقم (3 ) لتشكيل عماد الملازم الاول سامي فاضل . بقيت احوم فوق المطار لحين نزول اخر طائره ثم هبطت بطائرتي ...
عندها علمت بان طائره سامي قد اصيبت خلال الانقضاض على الهدف واني عندها تيقنت بانه قد استشهد لاني رأيت نيران قويه في منطقه الهدف عند تقربنا نحو الهدف لم ينفذ اي واجب اخر هذا اليوم وقد علمنا من غرفه العمليات اخيرا بان القطعات المصريه شاهدت مظله الطيار تهبط في منطقه بينهم وبين القطعات الاسرائيليه ولم يستطيعوا الوصول الى الطيار .
اشرت في تقرير المهمه الى غرفه الحركات بان القطعات الاسرائيليه والعجلات الاختصاصيه وعجلات التموين المتجهه الى منطقه ( الدفرزوار ) وقد اصيبت اصابات مباشره وشديده من قبل الطائرات الثمانيه التي نفذت الواجب ولم يكن لدينا علم بالواجبات التي نفذتها الطائرات المصريه على نفس الهدف .

14 اكتوبر :
---------------
خلال هذه الفتره تم تنفيذ 4 واجبات اخرى كانت جميعها بطائرتين في عمق سيناء وحسب متطلبات الموقف وقد فقدنا طائرتين وطيارين واحده في كل واجب وكان الطيارين الذين فقدوا هم ":-

1. الملازم الاول الطيار عبد القادر خضر .
2. الملازم الاول الطيار دريد عبد القادر .

ولم يعرف مصيرهم لحد نهايه الحرب حيث اعتبروا مستشهدين وكذلك جميع الطيارين الاخرين عدا الرائد ناطق والملازم ضياء اللذين غادرا المستشفى بعد عدة ايام من هبوطهما بالمظله عند قناة السويس .

بدأت المواقف تكون غير واضحه لنا منذ يوم 15 اكتوبر حيث بدأ الموقف البري بالتغير مع بدايه دخول القطعات الاسرائيليه بين الجيشين الثاني والثالث وبدايه حصول ( الثغره ) حيث لم يتم تزويدنا بالمعلومات الصحيحه والواقعيه عن ما يجري في الجبهه وتم نقل قسم من الضباط العاملين في غرفه حركات القاعده . وبدأت الامور تتعقد يوما بعد يوم .

مجمل ما حصل لنا خلال فتره الحرب ولغايه توقف اطلاق النيران :
-------------------------------------------------------------------
1. الطيارين الشهداء :
------------------

أ . النقيب الطيار وليد عبد اللطيف السامرائي .
ب . الملازم الاول الطيار سامي فاضل .
ج . الملازم الطيار عامر احمد القيسي .

الشهيد سامي فضل

2. الطيارين الاسرى :
-------------------
أ . النقيب الطيار عماد احمد عزت .
ب. الملازم الاول الطيار عبد القادر خضر .
ج .الملازم الاول الطيار دريد عبد القادر .

3. الطيارين الذين هبطوا بالمظله :
-------------------------------------

أ .الرائد الطيار ناطق محمد علي .
ب . الملازم الطيار ضياء صالح .

4. الطائرات التي خسرناها :
----------------------------------
خسرنا لغايه نهايه الحرب ( 8 ) ثمانيه طائرات هوكر هنتر من مجموع
( 20 ) طائره وصلت مصر منذ اكثر من عشره اشهر .

الفتره من وقف اطلاق النار ولغايه عوده السرب الى العراق :
-----------------------------------------------------------------------
كان تواجدنا بعد خساره ( 6) من الطيارين والذين لم نكن نعلم مصيرهم علما بان الحكومه العراقيه كانت قد اعتبرت كل الطيارين الذين فقدوا خلال المعارك شهداء وقامت باجراء تشييع رمزي للطيارين بعد ايام من بدايه الحرب .
وكان امر السرب الرائد الطيار يوسف محمد رسول قد اصيب خلال الغاره الاسرائيليه على مطار قويسنا بحيث اصبح غير قادر على الطيران في حينها .
وخساره ثمانيه طائرات وعدم وضوح الرؤيا بالنسبه لنا حول مجريات الامور ,
بعد فتره من الوقت قاربت الاسبوعين صدرت الاوامرمن القياده السياسيه في العراق باعاده ما تبقى من السرب الى العراق .
بدأت المرحله باعاده العوائل التي كانت في القاهره اعادتهم الى العراق اولا .. وبدأ المنتسبين بتهيئه جميع المستلزمات ورزم المعدات والاسلحه لغرض اعادتها الى العراق تم تهيئه متطلبات عودة الطائرات بالخط الذي قدمت به الى مصر ... اي الطيران الى الجنوب ثم عبور البحر الاحمر مرورا بالسعوديه ومنها الى العراق والى مطارات قاعدة الوليد الجويه ( H3 ) قرب الحدود العراقيه الاردنيه في غرب العراق ومن هناك العوده الى قاعدة الحبانيه .
تعود الطائرات اولا ومن ثم تستمر طائرات النقل في اخلاء المطار الى العراق من جميع ما تم نقله للفتره السابقه اي ( 10 ) اشهر او تزيد وهذا ما سيتطلب اكثر من اربعه اشهر اخرى ...
لقاء اخير :
--------------
بعد ان تم تحديد موعد مغادره المغادره للسرب من مصر واخبار القياده المصريه بذلك فقد كان موقف القياده المصريه مغاير لموقف القياده العراقيه حيث كانوا يطلبو ن بان يستمر السرب في مصر ولفتره اخرى على اقل تقدير لكي يتم المشاركه في الاحتفال بالنصر العظيم على العدو الصهيوني .
ولكن الاوامر هي الاوامر .... تبلغنا بان السيد قائد القوه الجويه المصريه اللواء حسني مبارك قد حضر الى المطار . وفعلا حضر سيادته عصرا قبل يوم المغادره مع مجموعه من كبار الضباط المصريين وكان لقاءا حارا وشكر سيادته الجميع على ما قدموه خلال تواجدهم في مصر ...وتمنى لنا عوده سالمه الى الوطن ..واكد سيادته بان القياده المصريه ممثله بالسيد رئيس الجمهوريه لن تترك وسيله الا وتطرقها مع اسرائيل لاعاده الطيارين العراقيين المفقودين واعادة من اسر منهم حتما .
ثم قال بان الرئيس السادات قد منحنا انواط الشجاعه من الدرجه الاولى ..
وضع سيادته الانواط على صدورنا وسلمنا اوراق البردي المكتوب عليها المرسوم الجمهوري باسم كل طيار ...بعد ذلك غادرنا مودعا من قبل الجميع .

رحله العوده الى الوطن :
------------------------------
صباحا تم اعداد الطائرات الطائرات لغرض العوده الى العراق ومن حسن الحظ ان جميع الطائرات دارت ولم تتعطل اي من الطائرات ال ( 12 ) وكانت بتشكيلات من اربعه طائرا ت في كل تشكيل .. ويكون الطيران بالنسق تشكيل خلف الاخر بمسافه لا تزيد عن ( 3 ) كلم والتشكيل الاول بقيادة الرائد الطيار احمد خيري ومعه النقيب الملاح عادل كامل لان الرائد يوسف كما سبق وان ذكرت لم يكن باستطاعته الطيران بسبب الاصابه واتبع التشكيل نفس طريق القدوم تقريبا الى مصر . اتجهت الطائرات جنوبا باتجاه الاقصر ومن هناك كانت الطائرات تطير بارتفاع ( 500 ) متر تقريبا عبرنا البحر الاحمر ومن ثم الى جبال السعوديه وهنا بدأ الجو بالتغير بعد ان كان طوال الفتره السابقه صحوا ومدى الرؤيا جيده ...
بدأت الغيوم تبدو وكانها تغطي المنطقه والطريق وبدل من استمرار الطائرات بالطيران بالارتفاع الواطيء قرر قائد التشكيل الارتفاع والطيران فوق الغيوم مما سببب ارباك لاعضاء التشكيل وكانت عمليه خطيره وكادت ان تؤدي بحوادث لولا ستر الله ورحمته وبعد مسيره طويله ومتعبه ومملوءه بالترقب والطيران خلال الغيوم للنزول في المطارات العراقيه بعد ان حسب الملاح المرافق ان الوقت قد حان للانحدار الى الارتفاع الواطيء وفعلا عند خروجنا من الغيوم لاحظت قاعده الوليد الجويه من مسافه لكون مدرج القاعده كان يلمع بسبب تعرضه للامطار . واستدار التشكيل نحو القاعده ونزلت الطائرات للتزود بالوقود والمغادره الى قاعده الحبانيه . نزلت احدى المجموعات في احد المطارات الثانويه لقاعده الوليد القريب من القاعده .
اقلعت الطائرات باتجاه قاعده الحبانيه ...وصلت الطائرات بعد مسيره نصف ساعه من الطيران ..
كان هناك استقبال حافل للطيارين وكان في مقدمه المستقبلين السيد قائد القوه الجويه والسيد امر قاعدة الحبانيه وجمع غفير من الاشخاص ضباط ومنتسبين من مختلف الاماكن قدموا للترحيب بوصولنا لارض الوطن مع بعض عوائل الضباط العائدين وكانت اكاليل الزهور تطوق اعناقنا ..وكم كانت اوقات مؤثره وعاطفيه مليئه بدموع الفرحه بعودة الذين وصلوا واملا في عودة الاخرين ..
وبذلك انتهت مرحله من عمر الطيارين العراقيين بعد ان ادوا الواجب المقدس ونزفت دمائهم على الارض العربيه وحققوا مالم يحققه اقرانهم من الطيارين في الجهاد والقتال ضد العدو الصهيوني ...وللتأريخ نشهد بان القياده المصريه ممثله بالرئيس السادات ( رحمه الله ) والرئيس محمد حسني مبارك لم تألو جهدا في المطالبه بالطيارين العراقيين الذين سقطوا في سيناء خلال الواجبات القتاليه وفعلا عاد ثلاثه منهم فقط ولم تعد رفاة الشهداء .
الخاتمه :
------------
بعد مغادرتنا مصر تصورنا بان عودتنا مره ثانيه وحتى على شكل زياره ستكون شبه مستحيله بسبب الاوضاع السياسيه التي اعقبت ذلك ولكن الذي حدث غير ذلك ..
كانت لي علاقه خاصه ومميزه ومن دون بقيه الضباط الطيارين العراقيين المتواجدين في مصر مع اخي الحبيب الشهيد اللواء الطيار اركان حرب عبد المنعم الشناوي حيث
توطدت علاقتنا العائليه جدا بحيث كنت اعتبره اخي الاكبر وزوجته الفاضله السيده ( ام طارق ) كانت كاخت لزوجتي ولم تفارقها ابدا وكان ولده طارق و ابنته نورا لايفارقونا
ولحد الان لا زالت العلاقه مستمره واصبح طارق كابتن طيار كبير معلمي طيران في مصر للطيران ونورا لديها اولاد والحاجه ( غاده ) الوالده حفظهم الله جميعا زرنا مصر الاعوام 74 و 85 و2005 ولم ننقطع عنهم والله يديم المحبه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .....






ليست هناك تعليقات: